فصل: مسألة (332) : تجب صدقة الفطر بغروب الشَّمس من ليلة الفطر.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏322‏)‏‏:‏ يجب العشر في العسل‏.‏

وقال مالكٌ والشَّافعيُّ‏:‏ لا يجب‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 1539- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَّحمن عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن أبي سَيَّارة المتُعيِّ قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، إنَّ لي نحلاً‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أد العشور‏"‏‏.‏

قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، احم لي حبلها‏.‏

قال‏:‏ فحمى لي حبلها‏.‏

عن سعيد بن عبد العزيز، وإسناده منقطعٌ، لأنَّ سليمان لم يلق أبا سَيَّارة‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ هذا أصحُّ ما روي في وجوب العشر فيه، وهو منقطعٌ‏.‏

قال أبو عيسى التِّرمذيُّ‏:‏ سألت محمَّد بن إسماعيل البخاريَّ عن هذا، فقال‏:‏ هذا حديثٌ مرسلٌ، وسليمان بن موسى لم يدرك أحدًا من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس في زكاة العسل شيءٌ يصحُّ‏.‏

وقال الأحوص بن المفضَّل بن غسَّان الغلابيُّ عن أبيه‏:‏ قال أبو مسهر‏:‏ لم يدرك سليمانُ بن موسى كثيرَ بن مرَّة، ولا عبد الرَّحمن بن غنم‏.‏

قال أبي‏:‏ ولم يلق سليمان بن موسى أبا سيَّارة، والحديث مرسلٌ، وأبو سيَّارة مدنيٌّ‏.‏

وقال الحافظ عبد الغني في ‏"‏ الكمال ‏"‏‏:‏ أبو سَيَّارة المتُعيُّ القيسيُّ، قيل‏:‏ اسمه عميرة بن الأعلم، وقيل‏:‏ إنَّه شامىٌّ، وحديثه في الشَّاميين، روى عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثًا في زكاة العسل، وليس له سواه‏.‏

وقال ابن المنذر‏:‏ ليس في وجوب الصَّدقة في العسل خبرٌ يثبت‏.‏

وقال الزَّعفرانيُّ‏:‏ قال أبو عبد الله الشَّافعيُّ‏:‏ الحديث في أنَّ في العسل العشر ضعيفٌ، وفي أن لا يؤخذ منه العشر ضعيفٌ، إلا عن عمر بن عبد العزيز، واختياري أن لا يؤخذ منه، لأنَّ السُّنن والآثار ثابتة فيما يؤخذ منه، وليست فيه ثابتةٌ، فكأنه عفوٌ‏.‏

1540- وقال عبيد الله بن عمر عن نافع‏:‏ سألني عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل، فقلت‏:‏ ما عندنا عسل، ولكن أخبرني المغيرة بن حكيم أنَّه قال‏:‏ ليس في العسل زكاةٌ‏.‏

فقال‏:‏ عدلٌ مرضيٌ‏.‏

فكتب إلى النَّاس أن يوضع عنهم‏.‏

وقال الأثرم‏:‏ سئل أبو عبد الله‏:‏ أنت تذهب إلى أنَّ في العسل زكاةً‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أذهب إلى أنَّ في العسل زكاةً، العشر، قد أخذ عمر منهم الزَّّكاة، قلت‏:‏ ذلك على أنَّهم تطوَّعوا به‏.‏

قال‏:‏ لا، بل أخذه منهم O‏.‏

1541- الحديث الثَّاني‏:‏ قال النَّسائيُّ‏:‏ ثنا المغيرة بن عبد الرَّحمن ثنا أحمد بن أبي شعيب عن موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ جاء هلالٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعشور نحله، وسأله أن يحمي له واديًا يقال له‏:‏ سلبة، فحمى له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك الوادي، فلمَّا ولي عمر بن الخطَّاب، كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطََّاب يسأله، فكتب عمر‏:‏ إن أدَّى إليَّ ما كان يؤدِّي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عشر نحله، فاحم له سلبة، وإلا فإنَّما هي ذبابُ غيثٍ يأكله من شاء‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن أحمد بن أبي شعيب الحرَّانِّي عن موسى، وعن أحمد بن عبدة الضَّبِّي عن المغيرة- نسبه إلى عبد الرَّحمن بن الحارث المخزوميِّ- عن أبيه عن عمرو بنحوه‏.‏

وعن الرَّبيع بن سليمان المؤذِّن عن ابن وهبٍ عن أسامة بن زيدٍ عن عمرو بن شعيب بمعنى حديث المغيرة‏.‏

ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن يحيى عن نعيم بن حمَّاد عن ابن المبارك عن أسامة بن زيد عن عمرو به مختصرًا‏:‏ أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ من العسل العشر O‏.‏

1542- الحديث الثَّالث‏:‏ قال التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن يحيى ثنا عمرو ابن أبي سلمة التِّنِّيسيُّ عن صدقة بن عبد الله عن موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العسل‏:‏ ‏"‏في كلِّ عشرة أزُق زِق‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيُّ‏:‏ في هذا الإسناد مقالٌ، ولا يصحُّ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب كبير شيءٍ‏.‏

قلت‏:‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ صدقة ليس يساوي حديثه شيئًا‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي الموضوعات عن الثِّقات‏.‏

وقال أبو عبد الرَّحمن النِّسائيُّ‏:‏ صدقة ليس بشيءٍ، وهذا حديثٌ منكرٌ‏.‏

قال الرازي‏:‏ وعمرو لا يحتج به‏.‏

وقد رواه إسماعيل بن محمَّد بن يوسف عن عمرو بن أبي سلمة عن زهير ابن محمَّد عن موسى بن يسار‏.‏

قال ابن حِبَّان‏:‏ إسماعيل يقلب الأسانيد، ويسرق الحديث، لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ وعمرو بن أبي سلمة وزهير ضعيفان‏.‏

ز‏:‏ عمرو بن أبي سلمة وزهير بن محمَّد‏:‏ كلاهما من رجال ‏"‏الصَّحيحين‏"‏‏.‏

وهذا الحديث إنَّما تكلِّم فيه من جهة صدقة، وقد ذكره ابن عَدِيّ في مناكيره‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ تفرَّد به صدقة بن عبد الله السَّمين، وهو ضعيفٌ، قد ضعَّفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما؛ وقال أبو عيسى التِّرمذيُّ‏:‏ سألت محمَّد بن إسماعيل البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال‏:‏ هو عن نافع عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏323‏)‏‏:‏ ما زاد على نصاب الأثمان يجب فيه بحسابه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجب فيما زاد على مائتي درهم حتَّى يبلغ أربعين، ولا فيما زاد على عشرين دينارًا حتَّى يبلغ أربعة مثاقيل‏.‏

1543- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب ثنا جعفر بن محمَّد الصَّائغ ثنا إسحاق بن المنذر ثنا أيُّوب بن جابر الحنفيُّ عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ قال‏:‏ قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هاتوا ربع العشور، من كلِّ أربعين درهمًا، وليس فيما دون المائتين شيءٌ، فإذا كانت مائتين ففيها خمسة دراهم، فما زاد فعلى حساب ذلك‏"‏‏.‏

الحارث مجروحٌ‏.‏

ز‏:‏ 1544- قال أبو داود‏:‏ ثنا عبد الله بن محمَّد النُّفيليُّ ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن عليٍّ- قال زهير‏:‏ أحسبه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قال‏:‏ هاتوا ربع العشور، من كلِّ أربعين درهمًا درهمٌ، وليس عليكم شيءٌ حتَّى تتمَّ مائتي درهم، فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم، فما زاد فعلى حساب ذلك O‏.‏

أمَّا حجَّتُهم‏:‏ 1545- فروى الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو سعيد الحسن بن أحمد الإصطخريُّ ثنا محمَّد بن عبد الله بن نوفل ثنا أبي ثنا يونس بن بكير ثنا ابن إسحاق عن المنهال ابن الجرَّاح عن حبيب بن نجيح عن عبادة بن نُسَي عن معاذ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره حين وجَّهه إلى اليمن‏:‏ ‏"‏أن لا تأخذ من الكسر شيئًا، إذا كانت الورق مائتي درهم فخذ منها خمسة دراهم، ولا تأخذ ممَّا زاد شيئًا حتَّى تبلغ أربعين درهمًا، فإذا بلغت أربعين درهمًا فخذ منها درهمًا‏"‏‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ المنهال بن الجرَّاح متروك الحديث، وهو أبو العطوف، اسمه‏:‏ الجرَّاح بن المنهال، وكان ابن إسحاق يقلب اسمه إذا روى عنه؛ وعبادة بن نَُسَي لم يسمع من معاذ‏.‏

قلت‏:‏ قال يحيى بن معين‏:‏ ليس حديث الجرَّاح بن المنهال بشيءٍ‏.‏

وقال ابن المدينيِّ‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان يكذب‏.‏

مسألة ‏(‏324‏)‏‏:‏ يضمُّ الذَّهب إلى الفضَّة في إكمال النِّصاب‏.‏

وعنه‏:‏ لا يضمُّ، كقول الشَّافعيِّ‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ حديث أبي سعيد الخدريِّ عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة‏"‏‏.‏

وهو في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏، وقد سبق بإسناده‏.‏

1546- والثَّاني‏:‏ رواه الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عثمان بن أحمد الدَّقاق ثنا محمَّد ابن الفضل بن سلمة ثنا عبد الله بن محمَّد بن أبي شيبة ثنا عليُّ بن هانئ عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏ليس في أقلِّ من خمس ذودٍ شيءٌ، ولا في أقلِّ من عشرين مثقالاً من الذَّهب شيءٌ، ولا في أقل من مائتي درهم شيءٌ‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرجه أحدٌ من أصحاب السُّنن‏.‏

وقوله في الإسناد‏:‏ ‏(‏عليُّ بن هانئ‏)‏ تصحيفٌ، والصَّواب‏:‏ عليُّ بن هاشم، وهو‏:‏ ابن البريد، وهو صدوقٌ، شيعيٌّ، روى له مسلمٌ في ‏"‏صحيحيه‏"‏‏.‏

وابن أبي ليلى هو‏:‏ محمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى، الفقيه، القاضي، وهو صدوقٌ، لكنَّه سيء الحفظ، وفي حديثه اضطراب‏.‏

وعبد الكريم هو‏:‏ ابن مالك الجزريُّ، وهو ثقةٌ من رجال ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏؛ ويحتمل أن يكون‏:‏ ابن أبي المخارق، وقد تكلَّم فيه غير واحدٍ من الأئمة، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏325‏)‏‏:‏ لا تجب الزَّكاة في الحلي المباح‏.‏

وعنه‏:‏ فيه الزَّكاة، كقول أبي حنيفة‏.‏

وعن الشَّافعيِّ كالمذهبن‏.‏

1547- أنبأنا أحمد بن الحسن بن البنا قال‏:‏ أنبأنا أبو الطَّيِّب الطَّبريُّ ثنا أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد ثنا أحمد بن المظفَّر ثنا أحمد بن عمير بن جوصا ثنا إبراهيم بن أيُّوب ثنا عافية بن أيُّوب عن ليث بن سعد عن أبي الزُّبير عن جابر عن النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّه قال‏:‏ ‏"‏ليس في الحلي زكاةٌ‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ عافية ضعيفٌ‏.‏

قلنا‏:‏ ما عرفنا أحدًا طعن فيه‏.‏

قالوا‏:‏ فقد روي الحديث موقوفًا على جابر‏.‏

قلنا‏:‏ الرَّاوي قد يسند الشَّيء تارةً، ويفتي به أخرى‏.‏

ز‏:‏ الصَّواب وقف هذا الحديث على جابر‏.‏

وعافية‏:‏ لا نعلم أحدًا تكلَّم فيه، وهو شيخٌ محلُّه الصَّدق، قال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم‏:‏ سئل أبو زرعة عن عافية بن أيُّوب فقال‏:‏ أبو عبيدة عافية بن أيُّوب، مصريٌّ، ليس به بأسٌ‏.‏

1548- وقد روى الشَّافعيُّ عن سفيان عن عمرو بن دينار قال‏:‏ سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي‏:‏ أفيه الزَّكاة‏؟‏ فقال جابر‏:‏ لا‏.‏

فقال‏:‏ وإن كان يبلغ ألف دينار‏؟‏ فقال جابر‏:‏ كثير‏.‏

وقال الأثرم‏:‏ سمع أبا عبد الله يقول‏:‏ في زكاة الحلي عن خمسةٍ من أصحاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون فيه زكاةً، وهم‏:‏ أنس وجابر وابن عمر وعائشة وأسماء O‏.‏

أمَّا حجَّتُهم‏:‏ فلهم أحاديث، وهي على ضربين‏:‏ عامة وخاصة‏.‏

فالعامة ثلاثة أحاديث‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ليس فيما دون خمس أواق صدقة‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده من حديث أبي سعيدٍ، وأخرجه مسلمٌ في أفراده من حديث جابر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

الحديث الثَّاني‏:‏ قوله عليه السَّلام‏:‏ ‏"‏هاتوا صدقة الرِّقَّة‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه بإسناده في مسألة الخيل‏.‏

قال ابن قتيبة‏:‏ الرِّقَّة‏:‏ الفضَّة، دراهم كانت أو غيرها‏.‏

الحديث الثَّالث‏:‏ قوله‏:‏ ‏"‏ليس في أقلِّ من عشرين مثقالاً من الذَّهب شيءٌ، ولا في أقلِّ من مائتي درهمٍ شيءٌ‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه بإسناده في المسألة قبلها‏.‏

وأمَّا الأحاديث الخاصة فثمانيةٌ‏:‏ 1549- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا أبو معاوية ثنا حجَّاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ أتت النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأتان في أيديهما أساور من ذهب، فقال لهما النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أتحبَّان أن يسوركما الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة أساور من نارٍ‏؟‏‏!‏ ‏"‏ قالتا‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فأدِّيا حقَّ الله في الِّذي في أيديكما‏"‏‏.‏

طريقٌ ثانٍ‏:‏ رواه المثنَّى بن الصَّبَّاح عن عمرو بن شعيب كما ذكرناه‏.‏

طريقٌ ثالثٌ‏:‏ رواه ابن لهيعة عن عمرو كذلك‏.‏

1550- طريقٌ رابعٌ‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا أبو أسامة عن حسين بن ذكوان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ جاءت امرأةٌ وابنتها من أهل اليمن إل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهبٍ، فقال‏:‏ ‏"‏هل تعطين زكاة هذا‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ لا‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فيسرُّك أن يسوِّرك الله بسوارين من نارٍ‏؟‏‏!‏ ‏"‏ قال‏:‏ فخلعتهما، وقالت‏:‏ هما لله ولرسوله‏.‏

1551- الحديث الثَّاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عليُّ بن عاصم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت‏:‏ دخلت أنا وخالتي على النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلينا أسورةٌ من ذهبٍ، فقال لنا‏:‏ ‏"‏تعطيان زكاته‏؟‏ ‏"‏ فقلنا‏:‏ لا‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏أما تخافان أن يسوِّركما الله أسورة من نار‏؟‏‏!‏ أدِّيا زكاته‏.‏

1552- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن سليمان النُّعمانيُّ ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرح ثنا عثمان بن سعيد بن كثير ثنا محمَّد بن مهاجر عن ثابت بن عجلان قال‏:‏ حدَّثني عطاء عن أمِّ سلمة أنَّها كانت تلبس أوضاحًا من ذهبٍ، فسألت عن ذلك نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ أكنزٌ هو‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏إذا أدَّيت زكاته فليس بكنزٍ‏"‏‏.‏

1553- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا البغويُّ ثنا محمَّد بن هارون أبو نَشِيط ثنا عمرو بن الرَّبيع بن طارق ثنا يحيى بن أيُّوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أنَّ محمَّد بن عطاء أخيره عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد أنَّه قال‏:‏ دخلنا على عائشة زوج النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت‏:‏ دخل عَلَيَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأى في يدي فتخاتٍ من ورقٍ، فقال‏:‏ ‏"‏ما هذا يا عائشة‏؟‏ ‏"‏ فقلت‏:‏ صنعتهن أتزيَّن لك فيهنَّ‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏أتؤدِّين زكاتهنَّ‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ لا- أو‏:‏ ما شاء الله من ذلك-‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هنَّ حسبك من النَّار‏"‏‏.‏

1554- الحديث الخامس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا يعقوب بن يوسف بن زياد ثنا نصر بن مزاحم ثنا أبو بكر الهذليُّ قال‏:‏ حدَّثني شعيب بن الحبحاب عن الشَّعبيِّ قال‏:‏ سمعت فاطمة بنت قيسٍ تقول‏:‏ أتيت رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطوقٍ فيه سبعون مثقالاً من ذهب، فقلت‏:‏ يا رسول الله، خذ منه الفريضة‏.‏

فأخذ منه مثقالاً وثلاثة أرباع مثقال‏.‏

1555- الحديث السَّادس‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا عبد الرَّحمن بن أحمد ابن عبد اللّه الختليُّ ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن غالب الزَّعفرانيُّ ثنا أبي ثنا صالح ابن عمرو عن أبي حمزة ميمون عن الشَّعبيِّ عن فاطمة بنت قيسٍ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏في الحلي زكاةٌ‏"‏‏.‏

1556- الحديث السَّابع‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا محمَّد بن أحمد بن الحسن الصَّوَّاف ثنا حامد بن شعيب ثنا سُريج ثنا عليُّ بن ثابت عن يحيى بن أبي أنيسة عن حمَّاد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قلت للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إنَّ لامرأتي حليًّا من عشرين مثقالاً‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فأدِّ زكاته نصف مثقال‏"‏‏.‏

1557- الحديث الثامن‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا أحمد بن محمَّد بن مقاتل الرَّازيُّ ثنا محمَّد بن الأزهر ثنا قبيصة عن سفيان عن حمَّاد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنَّ امرأةً أتت نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت‏:‏ إنَّ لي حليًّا، وإنَّ زوجي خفيف ذات اليد، وإنَّ لي بني أخٍ، أفيجزئ عنِّي أن أجعل زكاة الحلي فيهم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الأحاديث العامة‏:‏ فمحمولةٌ على المال المرصد للتِّجارة، وهو غير الحلي بأدلَّتنا‏.‏

وأمَّا الخاصة‏:‏ فكلُّها ضعافٌ‏.‏

أمَّا حديث عمرو بن شعيب‏:‏ ففي طريقه الأوَّل‏:‏ حجَّاج بن أرطاة، قال أحمد بن حنبل‏:‏ حجَّاج يزيد في الأحاديث، ويروي عمَّن لم يلقه، لايحتجُّ به‏.‏

وكذا قال يحيى والدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لا يحتجُّ به‏.‏

وأمَّا طريقه الثَّاني‏:‏ ففيه المثنَّى بن الصَّبَّاح، قال أحمد وأبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ لا يساوي شيئًا، هو مضطرب الحديث‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ تركه ابن المبارك ويحيى القطَّان وابن مهديٍّ ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل‏.‏

وأمَّا طريقه الثَّالث‏:‏ ففيه ابن لهيعة، وكان يحيى بن سعيد لا يراه شيئًا‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ ليس ممَّن يحتجُّ به‏.‏

وأمَّا طريقه الرَّابع‏:‏ ففيه حسين بن ذكوان، وقد أخرج عنه في الصِّحاح، لكن قال يحيى بن معين‏:‏ فيه اضطرابٌ‏.‏

وقال العقيليُّ‏:‏ هو ضعيفٌ‏.‏

وأمَّا حديث أسماء بنت يزيد‏:‏ ففيه شهر بن حوشب، قال ابن عَدِيٍّ‏:‏ لا يحتجُّ بحديثه‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان يروي عن الثِّقات المعضلات‏.‏

وفيه‏:‏ عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال يحيى بن معين‏:‏ أحاديثه ليست بالقويَّة‏.‏

وفيه‏:‏ عليُّ بن عاصم، قال يزيد بن هارون‏:‏ ما زلنا نعرفه بالكذب‏.‏

وكان أحمد سيء الرَّأي فيه، وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وأمَّا حديث أمِّ سلمة‏:‏ ففيه محمَّد بن مهاجر، قال صالح بن محمَّد الأسديُّ‏:‏ هو أكذب خلق الله‏.‏

وقال ابن عقدة‏:‏ ليس بشيءٍ، ضعيفٌ، ذاهبٌ‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يضع الحديث على الثِّقات، ويزيد في الأخبار ألفاظًا يسوِّيها على مذهبه‏.‏

وقد رواه أبو داود من حديث عتَّاب بن بشير، قال ابن المدينيِّ‏:‏ ضربنا على حديثه‏.‏

وأمَّا حديث عائشة‏:‏ ففيه محمَّد بن عطاء، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو مجهولٌ‏.‏

وفيه‏:‏ يحيى بن أيُّوب، قال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ لا يحتجُّ به‏.‏

وأمَّا حديث فاطمة بنت قيسٍ الأوَّل‏:‏ ففيه أبو بكر الهذليُّ، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يأت بهذا الحديث غيره، وهو متروك الحديث‏.‏

وقال غندر‏:‏ هو كذَّابٌ‏.‏

وقال يحيى وابن المدينيِّ‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وفيه‏:‏ نصر بن مزاحم، قال أبو خيثمة‏:‏ كان كذَّابًا‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس حديثه بشيءٍ‏.‏

وقال أبو حاتم الرَّازيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وأمَّا حديثها الثَّاني‏:‏ ففيه ميمون، قال أحمد‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ، لا يكتب حديثه‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بثقةٍ‏.‏

وأمَّا حديث ابن مسعود‏:‏ ففيه يحيى بن أبي أنيسة، قال أحمد‏:‏ هو متروك‏.‏

وقال عليٌّ ويحيى‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به بحالٍ‏.‏

قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ يحيى متروكٌ، ورفع هذا الحديث وهمٌ، والصَّواب أنَّه مرسلٌ موقوفٌ‏.‏

وأمَّا حديثه الثَّاني‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ هو وهمٌ، والصَّواب عن إبراهيم عن عبد الله مرسلٌ موقوفٌ‏.‏

ز‏:‏ حديث عمرو بن شعيب‏:‏ رواه أبو داود عن أبي كامل وحميد بن مسعدة عن خالد بن الحارث عن حسين المعلَّم‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ ينفرد به عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدَّه‏.‏

ورواه التِّرمذيُّ عن قتيبة عن ابن لهيعة عن عمرو بنحوه‏:‏ أنَّ امرأتين أتتا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي أيديهما سواران‏.‏

الحديث، وقال‏:‏ لا يصحُّ في هذا الباب عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيءٌ‏.‏

ورواه النَّسائيُّ عن إسماعيل بن مسعود عن خالد عن حسين، وعن محمَّد بن عبد الأعلى عن المعتمر بن سليمان عن حسين المعلِّم عن عمرو، قال‏:‏ جاءت امرأةٌ‏.‏

فذكره مرسلاً‏.‏

وقال‏:‏ خالد بن الحارث أثبت عندنا من معتمر، وحديث معتمر أولى بالصَّواب، والله أعلم‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ لا نعلم هذا الحديث إلا من وجهٍ قد تكلَّم النَّاس فيه قديمًا وحديثًا‏.‏

وحسين بن ذكوان المعلِّم‏:‏ روى له البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏صحيحيهما‏"‏، ووثَّقه ابن معين وأبو حاتم والنَّسائيُّ، وقال أبو زرعة‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

ووهم المؤلِّف في قوله‏:‏ ‏(‏قال يحيى بن معين‏:‏ فيه اضطرابٌ‏)‏ فإنَّ الَّذي قال ذلك هو يحيى بن سعيد‏.‏

ووهم أيضًا في قوله في المثنَّى بن الصَّبَّاح‏:‏ ‏(‏قال ابن حِبَّان‏:‏ تركه ابن المبارك‏.‏

إلى آخره‏)‏ فإنَّه إنَّما قال ذلك في العرزميِّ‏!‏ ولم يذكر من الجماعة أحمد بن حنبل، وإن كان أحمد قد قال في العرزميِّ‏:‏ ترك النَّاس حديثه‏.‏

لكن ابن حِبَّان لم يحك عنه ذلك‏.‏

ثُمَّ رأيت ابن حِبَّان قد ذكر هذا الكلام الَّذي حكاه عنه المؤلِّف بعينه في الحجَّاج بن أرطاة، وفي قول ابن حِبَّان نظرٌ، فإنَّ هؤلاء الَّذين ذكرهم لم يتركوا كلُّهم الحجاج، بل تركه بعضهم، والله الموفِّق‏.‏

وقد وهم المؤلِّف أيضًا وهمًا قبيحًا في تضعيفه محمَّد بن مهاجر الرَّاوي عن ثابت بن عجلان، فإنَّه ثقةٌ شاميٌّ، وثَّقه أحمد وابن معين وأبو زرعة الدِّمشقيُّ ودحيم وأبو داود وغيرهم، وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثِّقات ‏"‏ وقال‏:‏ كان متقنًا‏.‏

وروى له مسلمٌ في ‏"‏صحيحه‏"‏‏.‏

وأمَّا محمَّد بن مهاجر الكذَّاب‏:‏ فإنَّه متأخرٌ في زمان ابن معين‏.‏

وقد روى حديث أمِّ سلمة‏:‏ أبو داود عن محمَّد بن عيسى عن عتَّاب بن بَشير عن ثابت بن عجلان عن عطاء، ورواه الحاكم وقال‏:‏ صحيحٌ على شرط البخاريِّ، ولم يخرجاه‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ ينفرد به ثابت بن عجلان‏.‏

وعتَّاب بن بَشير‏:‏ وثَّقه يحيى بن معين، وروى له البخاريُّ في المتابعات، وقال الإمام ‏[‏أحمد‏]‏‏:‏ أرجو أن لا يكون به بأسٌ وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ أرجو أنَّه لا بأس به‏.‏

وثابت بن عجلان‏:‏ روى له البخاريُّ، ووثَّقه ابن معين، وقال عبد الله بن أحمد‏:‏ قلت لأبي‏:‏ هو ثقةٌ‏؟‏ فسكت، كأنَّه مرَّض في أمره‏.‏

وروى حديث عبد الله بن شدَّاد عن عائشة‏:‏ أبو داود عن أبي حاتم الرَّازيِّ عن عمرو بن الرَّبيع بن طارق عن يحيى بن أيُّوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمَّد بن عمرو بن عطاء عن عبد الله بن شدَّاد‏.‏

ومحمَّد بن عمرو بن عطاء ليس بمجهولٍ، لكنَّه لمَّا نسب إلى جدِّه ظنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ أنَّه مجهولٌ، وليس كذلك‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنَّ الحديث من مناكير يحيى بن أيُّوب، وإن كان من رجال ‏"‏الصَّحيحين ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏326‏)‏‏:‏ الدَّين يمنع وجوب الزَّكاة الأموال الباطنة، وهل يمنع في الظَّاهرة‏؟‏

على روايتين‏:‏ أصحُّهما المنع؛ والأخرى‏:‏ لا يمنع، وبها قال مالك‏.‏

وعن الشَّافعيِّ‏:‏ أنَّه يمنع بكلِّ حالٍ، وعنه‏:‏ لا يمنع بحالٍ‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 1558- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا زكريا بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، قال‏:‏ ‏"‏إنَّك تأتي قومًا أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض عليهم خمس صلوات في كلِّ يوم وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أنَّ الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وتردُّ في فقرائهم‏"‏‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

ووجه الحجَّة منه‏:‏ أنَّ من عليه مثل ما معه فهو فقيرٌ‏.‏

1559- الحديث الثَّاني‏:‏ أنا محمَّد بن عبد الباقي أنا أبو القاسم عليُّ بن أحمد أنا أبو سهل محمود بن عمر العكيريُّ أنا أبو طالب عبد الله بن محمَّد بن شهاب ثنا موسى بن حمدون ثنا حامد بن يحيى البلخيُّ ثنا سفيان عن الزُّهريِّ قال‏:‏ سمعت السَّائب بن يزيد يقول‏:‏ سمعت عثمان بن عفَّان يقول‏:‏ هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دينٌ فليقضه، وزكُّوا بقيَّة أموالكم‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو عبيد في ‏"‏ الأموال ‏"‏ عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب، ورواه البخاريُّ ‏[‏بمعناه‏]‏ عن أبي اليمان عن شعيب عن الزُّهريِّ O‏.‏

1560- الحديث الثَّالث‏:‏ قال أصحابنا‏:‏ روى أبو نصر المالكيُ عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏إذا كان للرَّجل ألف درهم، وعليه ألف درهم، فلا زكاة فيه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ منكرٌ، يشبه أن يكون موضوعًا‏.‏

1561- وقال صاحب ‏"‏ المغني ‏"‏‏:‏ وروى أصحاب مالك عن عمير بن عمران عن شجاع عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا كان لرجلٍ ألف درهم، وعليه ألف درهم، فلا زكاة عليه ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏327‏)‏‏:‏ تجب الزَّكاة في عروض التِّجارة، يخرجها عن كلِّ حولٍ‏.‏

وقال مالك‏:‏ إن كان ممَّن يتربص بسلعته النَّفاق والأسواق لم يجب تقويمها حتَّى يبيعها بذهبٍ أو ورقٍ، ويزكِّي لسنةٍ واحدةٍ، وإن كان مديرًا لا يعرف حول ما يشتري ويبيع، جعل لنفسه شهرًا في السَّنة، يقوِّم ماعنده ويزكِّيه‏.‏

وقال داود‏:‏ لا زكاة في العروض بحالٍ‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 1562- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أبو داود السِّجستانيُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن داود ابن سفيان ثنا يحيى بن حسَّان ثنا سليمان بن موسى أبو داود ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب قال‏:‏ حدَّثني خُبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب قال‏:‏ كان رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن نخرج الصَّدقة من الَّذي نُعِدُّ للبيع‏.‏

ز‏:‏ انفرد أبو داود بإخراج هذا الحديث، وإسناده حسنٌ غريبٌ، وقد روى به أبو داود أحاديث‏.‏

1563- وروى هذا الحديث الطَّبرانيُّ مطولاً، فقال‏:‏ حدَّثنا عبدان بن أحمد ثنا دحيم ثنا يحيى بن حسَّان حدَّثني سليمان بن موسى ثنا جعفر بن سعد حدَّثني خبيب بن سليمان عن أبيه عن سمرة بن جندب أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر برقيق الرَّجل والمرأة، الَّذي هو تلاده- وهم في عمله لا يريد بيعهم- وكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصَّدقة شيئًا، وكان يأمرنا أن نخرج الصَّدقة من الَّذي نُعِدُّ للبيع O‏.‏

1564- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا أحمد بن منصور ثنا أبو عاصم عن موسى بن عبيدة قال‏:‏ حدَّثني عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان قال‏:‏ بينا أنا جالسٌ عند عثمان، جاءه أبو ذرٍّ فسلَّم عليه، فقال له عثمان‏:‏ كيف أنت يا أبا ذرٍّ‏؟‏ قال‏:‏ بخيرٍ‏.‏

ثُمَّ قام إلى سارية، فقام النَّاس إليه فاحتوشوه، فكنت فيمن احتوشوه، فقالوا‏:‏ يا أبا ذرٍّ، حدَّثنا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فقال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البزِّ صدقته- قالها بالزَّاي-‏"‏‏.‏

1565- قال أبو بكر النَّيسابوريُّ‏:‏ وحدَّثنا جعفر بن محمَّد بن الحجَّاج ثنا عبد الله بن معاوية ثنا محمَّد بن بكر عن ابن جريج عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذرٍّ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البزِّ صدقته‏"‏‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ هذا الإسناد أصلح من الَّذي قبله- وإن كان فيه عبد الله ابن معاوية، وقد ضعَّفه النَّسائيُّ، وقال البخاريُّ‏:‏ هو منكر الحديث- فإنَّ الإسناد الَّذي قبله فيه موسى بن عبيدة، وكان أشدُّ ضعفًا، قال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أحمد بن حنبل‏:‏ لا تحلُّ عندي الرِّواية عنه‏.‏

ز‏:‏ عبد الله بن معاوية الَّذي تكلَّم فيه البخاريُّ والنَّسائيُّ هو الزُّبيريُّ، من ولد الزُّبير بن العوَّام، يروي عن هشام بن عروة‏.‏

وأمَّا راوي هذا الحديث‏:‏ فهو الجمحيُّ، وهو صالح الحديث، وقال ابن القطَّان‏:‏ لا يعرف حاله‏.‏

وليس كما قال، بل هو مشهورٌ، روى عنه أبو داود وابن ماجة وغيرهما، وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثَّقات ‏"‏، وكان من المعمَّرين‏.‏

وقد روى هذا الحديث عن محمَّد بن بكر‏:‏ يحيى بن موسى البلخيُّ ‏(‏خت‏)‏ والإمام أحمد بن حنبل، لكنَّه منطقعٌ، لم يسمعه ابن جريج من عمران بن أبي أنس‏.‏

1566- قال التِّرمذيُّ في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏‏:‏ حدَّثنا يحيى بن موسى ثنا محمَّد بن بكر ثنا ابن جريج عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان النصريِّ عن أبي ذرٍّ قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البزِّ صدقته‏"‏‏.‏

ثُمَّ قال‏:‏ سألت محمَّدًا عن هذا الحديث، فقال‏:‏ ابن جريج لم يسمع من عمران بن أبي أنس، يقول‏:‏ حُدِّثت عن عمران بن أبي أنس‏.‏

1567- وقال الإمام أحمد في ‏"‏ المسند ‏"‏‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن بكر أنا ابن جريج عن عمران بن أبي أنس- بلغه عنه- عن مالك بن أوس بن الحدثان النصريِّ عن أبي ذرٍّ قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البزِّ صدقته‏"‏‏.‏

ويحتمل أن يكون ابن جريج سمعه من موسى بن عبيدة‏.‏

1568- وقد روى سعيد بن منصور والشَّافعيُّ والإمام أحمد وأبوعبيد عن أبي عمرو بن حِمَاسٍ عن أبيه قال‏:‏ أمرني عمر، فقال‏:‏ أدِّ زكاة مالك‏.‏

فقلت‏:‏ مالي مالٌ إلا جعاب وأدمٌ‏.‏

فقال‏:‏ قوِّمها، ثُمَّ أدِّ زكاتها‏.‏

1569- وقال الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏‏:‏ أخبرني دَعْلَج بن أحمد السِّجزيُّ- ببغداد- ثنا هشام بن عليِّ السَّدوسيُّ ثنا عبد الله بن رجاء ثنا سعيد ابن سلمة بن أبي الحسام ثنا عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذرٍّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البزِّ صدقته، ومن رفع دنانير أو دراهم أو تبرًا أو فضَّةً لا يعدُّها لغريمٍ، ولا ينفقها في سبيل الله، فهو كنزٌ يكوى به يوم القيامة‏"‏‏.‏

تابعه ابن جريج عن عمران بن أبي أنس‏:‏ 1570- أخبرناه أبو قتيبة سلم بن الفضل الآدميُّ- بمكَّة- ثنا موسى بن هارون ثنا زهير بن حرب ثنا محمَّد بن بكر عن ابن جريح عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذرٍّ قال‏:‏ قال رسول اللهءصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البزِّ صدقته‏"‏‏.‏

قال الحاكم‏:‏ كلا الإسنادين صحيحان على شرط الشَّيخين ولم يخرجاه‏.‏

كذا قال، وفيه نظرٌ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏328‏)‏‏:‏ الواجب في المعدن ربع العشر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ الخُمس‏.‏

وعن الشَّافعيِّ كالمذهبين، وعنه‏:‏ أنَّه إن أصاب المال مجتمعًا ففيه الخُمس، وإن كان متفرِّقًا، ولزمته مؤنةٌ، فربع العشر‏.‏

وعن مالك كقولنا، وعنه كالقول الأخير للشَّافعيِّ‏.‏

لنا‏:‏ 1571- ما روى مالك عن ربيعة عن غير واحدٍ أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقطع بلال بن الحارث المعادن القبليَّة، وأخذ منه زكاتها‏.‏

والزَّكاة لا تكون خُمسًا بحالٍ‏.‏

فإن قيل‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏عن غير واحدٍ‏)‏ يقتضي الإرسال‏.‏

قلنا‏:‏ ربيعة قد لقي الصَّحابة، والجهل بالصَّحابيِّ لا يضرُّ، ولا يقال‏:‏ هو مرسلٌ‏.‏

1572- ثُمَّ رواه الدَّراورديُّ عن ربيعة عن الحارث بن بلال عن بلال أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ منه زكاة المعادن القبليَّة‏.‏

قال ربيعة‏:‏ وهذه المعادن تؤخذ منها الزَّكاة إلى هذا ‏[‏الوقت‏]‏‏.‏

ورواه ثور عن عكرمة عن ابن عبَّاس مثل حديث بلال‏.‏

ز‏:‏ 1573- قال الشَّافعيُّ‏:‏ أنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن عن غير واحد من علمائهم أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع لبلال بن الحارث المزنيِّ معادن القبليَّة- وهي من ناحية الفُرْع-‏.‏

فتلك المعادن لا تؤخذ منها إلا الزَّكاة إلى اليوم‏.‏

قال الشَّافعيُّ‏:‏ ليس هذا ممَّا يثبت أهل الحديث، ولو ثبَّتوه لم يكن فيه رواية عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا إقطاعه، فأمَّا الزَّكاة في المعادن دون الخُمس فليست مرويَّةً عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ هو كما قال الشَّافعيُّ في رواية مالك، وقد روي عن عبد العزيز الدَّراورديِّ عن ربيعة موصولاً‏:‏ 1574- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ثنا محمَّد بن صالح بن هانئ ثنا الفضل بن محمَّد بن المسيَّب ثنا نعيم بن حمَّاد ثنا عبد العزيز بن محمَّد عن ربيعة بن أبي عبد الرَّحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ من المعادن القبليَّة الصَّدقة، وأنَّه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع، فلمَّا كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال لبلال‏:‏ إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُقْطِعك إلا لتعمل‏.‏

قال‏:‏ فأقطع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه للنَّاس العقيق‏.‏

وقال الحاكم أبو عبد الله‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ لم يخرجاه، وقد احتجَّ البخاريُّ بنعيم بن حمَّاد، ومسلم بالدَّراورديِّ‏.‏

كذا قال، ونعيم والدَّراورديِّ لهما ما ينكر، والحارث لا يعرف حاله، وقد تكلَّم الإمام أحمد بن حنبل في حديثٍ رواه الدَّراورديُّ عن ربيعة عن الحارث‏.‏

والصَّواب في هذا الحديث رواية مالك، والله أعلم‏.‏

والقَبَليَّة- بفتح القاف والباء-‏:‏ قيل‏:‏ منسوبةٌ إلى ناحيةٍ من ساحل البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيَّام؛ وقال أبو عبيد‏:‏ القَبَلَيَّة‏:‏ بلادٌ معروفةٌ بالحجاز‏.‏

وفد احتج من أوجب في المعدن الخُمس‏:‏ 1575- بما روى البيهقيُّ قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصَّفَّار ثنا عليُّ بن الصَّقر ثنا داود بن عمرو ثنا حبان بن عليٍّ عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الرِّكاز الذَّهب الَّذي ينبت في الأرض‏"‏‏.‏

1576- قال‏:‏ ورواه أبو يوسف عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن جدِّه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏في الرِّكاز الخُمس‏"‏‏.‏

قيل‏:‏ وما الرِّكاز يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الذَّهب والفضَّة الَّذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت‏"‏‏.‏

حدَّثناه أبو سعد الزَّاهد ثنا أبو العبَّاس بن ميكال ثنا إسماعيل بن إبراهيم الفقيه- بفارس- ثنا محمَّد بن الحسن ثنا بشر بن الوليد الكنديُّ ثنا أبو يوسف فذكره‏.‏

وقد رواه سعيد والجوزجانيُّ بإسنادهما، وهو حديثٌ لا يصلح للاحتجاج به، لأنَّ عبد الله بن سعيد المقبريَّ تفرَّد به، وهو ضعيفٌ جدًا، جرحه يحيى بن سعيد القطَّان وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وجماعة من أئمة الحديث‏.‏

1577- وروى مكحول أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله ‏[‏عنه‏]‏ جعل المعدن بمنزلة الرِّكاز، فيه الخُمس‏.‏

وهو منقطعٌ، فإنَّ مكحولاً لم يدرك زمان عمر O‏.‏

مسألة ‏(‏329‏)‏‏:‏ تجب صدقة الفطر على الإنسان عن غيره‏.‏

وقال داود‏:‏ لا تجب عليه إلا فطرة نفسه‏.‏

1578- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا القاسم بن عبد الله بن عامر بن زرارة ثنا عمير بن عمَّار الهمدانيُّ ثنا الأبيض بن الأغرِّ قال‏:‏ حدَّثني الضَّحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصدقة الفطر عن الصَّغير والكبير، والحرِّ والعبد، ممَّن يمونون‏.‏

ز‏:‏ هذا إسنادٌ لا يثبت، لجهالة بعض رواته، فإنَّ القاسم وعميرًا غير مشهورين بعدالةٍ ولا جرحٍ، وكلاهما من أولاد المحدِّثن، فإنَّ والد القاسم مشهورٌ بالحديث، وجدُّ عمير هو‏:‏ أبو الغريف الهمدانيُّ، الكوفيُّ، مشهورٌ‏.‏

والأبيضى بن الأغر له مناكير، والله أعلم‏.‏

ثُمَّ رأيت الدَّارَقُطْنِيَ قد تكلَّم عليه، فقال‏:‏ رفعه هذا الشَّيخ ‏(‏القاسم‏)‏ وليس بالقويِّ، والصَّواب موقوفٌ‏.‏

1579- وقال الشَّافعيُّ‏:‏ أخبرنا إبراهيم بن محمَّد عن جعفر عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر على الحرِّ والعبد، والذَّكر والأنثى، ممَّن يمونون قال البيهقي‏:‏ ورواه حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن عليٍّ قال‏:‏ فرض رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كلِّ صغيرٍ أو كبيرٍ، حرٍّ أو عبدٍّ، ممَّن يمونون صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من زبيبٍ، عن كلِّ إنسان‏.‏

وهذا الإسناد منطقعٌ، والأوَّل مرسلٌ، والله أعلم، لكن قال الشَّافعيُّ‏:‏ يعضده حديث ابن عمر والإجماع‏.‏

1580- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أحمد بن محمَّد بن سعيد ثنا محمَّد بن المفضَّل بن إبراهيم الأشعريُّ ثنا إسماعيل بن همَّام حدَّثني عليُّ بن موسى الرِّضا عن أبيه عن جدِّه عن آبائه أنَّ النَّبيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر على الصَّغير والكبير، والذكر والأنثى، ممَّن تمونون قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لا يثبت‏.‏

وقال البيهقيُّ‏:‏ إسناده غير قويٍّ O‏.‏

مسألة ‏(‏330‏)‏‏:‏ لا تلزمه فطرة عبده الكافر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تلزمه‏.‏

1581- قال أبو عيسى التِّرمذيُّ‏:‏ ثنا إسحاق بن موسى الأنصاريُّ ثنا معن ثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر من رمضان، صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، على كل حرٍّ وعبدٍ، ذكرٍ وأنثى، من المسلمين‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ ذكر أبو عيسى التِّرمذيُّ أنَّ مالكًا تفرَّد من بين الثِّقات بزيادة قوله‏:‏ ‏(‏من المسلمين‏)‏، وروى عبيد الله بن عمر وأيُّوب وغيرهما هذ الحديث عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزِّيادة‏.‏

وقد تبع التِّرمذيُّ على قوله هذا غيرُ واحدٍ؛ وليس الأمر كما قالوا، بل قد وافق مالكًا فيها ثقتان، وهما‏:‏ الضَّحاك بن عثمان وعمر بن نافع، فرواية الضَّحاك في مسلم، ورواية عمر في البخاريِّ، وقد وافقه غيرهما أيضًا، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 1582- بما روى الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا أبو ذرٍّ أحمد بن محمَّد الواسطيُّ ثنا سعدان بن نمر ثنا هاشم بن القاسم ثنا سلام الطَّويل عن زيدٍ العَميِّ عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏صدقة الفطر عن كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ، ذكرٍ وأنثى، يهوديٍّ أونصرانيٍّ، حرٍّ أو مملوكٍ، نصف صاعٍ من برٍّ، أو صاعٌ من تمرٍ، أو صاعٌ من شعيرٍ‏"‏‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يسنده غير سلام الطَّويل، وهو متروكٌ‏.‏

قلت‏:‏ قال يحيى بن معين‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

وضعَّفه ابن المدينيِّ جدًّا، وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن الثِّقات الموضوعات‏.‏

1583- وقد روى عثمان بن عبد الرَّحمن الوقَّاصيُّ عن نافع عن ابن عمر أنَّه كلان يخرج عن كلِّ كافرٍ ومسلمٍ‏.‏

قال يحيى بن معين‏:‏ الوقَّاصيُّ يكذب‏.‏

مسألة ‏(‏331‏)‏‏:‏ لا يعتبر ملك النِّصاب في الفطرة‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يعتبر‏.‏

1584- قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا العبَّاس بن العبَّاس بن المغيرة ثنا أحمد بن منصور الرَّماديُّ ثنا سليمان بن حربٍ ثنا حمَّاد بن زيدٍ عن النُّعمان بن راشد عن الزُّهريِّ عن ثعلبة بن صُعَير عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أدُّوا صاعًا من قمحٍ- أو قال‏:‏ برٍّ- عن الصَّغير والكبير، والذَّكر والأنثى، والحرِّ والمملوك، والغنيِّ والفقير، أمَّا غنيُّكم فيزكِّيه الله، وأمَّا فقيركم فيردُّ الله عليه أكثر ممَّا أعطى‏"‏‏.‏

رواه الدَّارَقُطْنِيُّ من طريقٍ أخرى عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير، وهو الصَّحيح، لأنَّ ثعلبة هو الصَّحابيُّ لا صُعَير‏.‏

ز‏:‏ هذا حديثٌ مضطرب الإسناد والمتن، وقد تكلَّم فيه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، وأنا أذكر بعض ألفاظه، وبعض ما قيل فيه‏:‏ 1585- قال الحافظ أبو حامد أحمد بن محمَّد بن الشَّرقيِّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد ابن يحيى الذُهْلِيُّ ثنا موسى بن إسماعيل المنقريُّ أبو سلمة ثنا همَّام عن بكرٍ الكوفي أنَّ الزُّهريَّ حدَّثهم عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام خطيبًا، فأمر بصدقة الفطر‏:‏ صاعُ تمرٍ أو صاع شعيرٍ، عن كلِّ واحدٍ- أو عن كلِّ رأسٍ-، عن الصَّغير والكبير، والحرِّ والعبد‏.‏

قال محمَّد- هو ابن يحيى الذُّهْلِيُّ-‏:‏ لم يقم أحدٌ هذا الحديث عن الزُّهريِّ عن عبد الله بن ثعلبة إلا همَّام عن بكر، وبكر‏:‏ هو ابن وائل، فوافق روايته رواية ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1586- وقال أبو القاسم سليمان بن أحمد الطَّبرانيُّ الحافظ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن أبان الأصبهانيُّ ثنا محمَّد بن عبد الملك الواسطيُّ ثنا عمرو بن عاصم ثنا همَّام عن بكر بن وائل عن الزُّهريِّ عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير عن أبيه أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام خطيبًا، فأمر بصدقة الفطر على الصَّغير والكبير، والحرِّ والعبد، صاع تمرٍ أو صاع شعيرٍ، عن كلِّ واحدٍ- أو عن كلِّ رأسٍ- صاعُ قمحٍ بين اثنين‏.‏

1587- وقال أبو إسحاق الجوزجانيُّ‏:‏ حدَّثنا سليمان بن حرب ثنا حمَّاد ابن زيدٍ عن النُّعمان عن الزُّهريِّ عن ثعلبة عن أبيه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أدُّوا صدقة الفطر، صاعًا من قمحٍ- أو قال‏:‏ بُرٍّ/- عن كل إنسانٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ‏"‏‏.‏

1588- وقال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ حدَّثنا عفَّان قال‏:‏ سألت حمَّاد بن زيد عن صدقة الفطر، فحدَّثني عن نعمان بن راشد عن الزُّهريِّ عن ابن ثعلبة بن أبي صُعَير عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أدُّوا صاعًا من قمحٍ- أو صاعًا من تمرٍ، وشكَّ حمَّاد-، عن كلِّ اثنين صغيرٍ أو كبيرٍ، ذكرٍ أو أنثى، حرٍّ أو مملوكٍ، غنٍّي أو فقيرٍ، أمَّا غنيُّكم فيزكِّيه الله، وأمَّا فقيركم فيردُّ عليه أكثر ممَّا يعطي‏"‏‏.‏

رواه أبو داود عن محمَّد بن يحيى النَّيسابوريِّ‏.‏

وعن عليِّ بن الحسن الدَّرَابجِرديِّ عن عبد الله بن يزيد عن همَّام عن بكر عن الزُّهريِّ عن ثعلبة بن عبد الله- أو قال‏:‏ عبد الله بن ثعلبة- عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وعن مسدَّد وسليمان بن داود العتكيِّ عن حمَّاد بن زيد عن النُّعمان بن راشد عن الزُّهريِّ- قال مسدَّد‏:‏ عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعير عن أبيه‏.‏

وقال سليمان‏:‏ عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعير عن أبيه- بمعناه‏.‏

وعن أحمد بن صالح عن عبد الرَّزَّاق عن ابن جريج قال‏:‏ وقال ابن شهاب‏:‏ قال عبد الله بن ثعلبة‏:‏ خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الفطر بيومين بمعناه‏.‏

ورواه الإمام أحمد عن عبد الرَّزَّاق أيضًا هكذا‏.‏

ورواه الإمام أبو بكر محمَّد بن إسحاق بن خزيمة في ‏"‏ صحيحه ‏"‏ عن محمَّد بن يحيى عن موسى بن إسماعيل المنقريِّ عن همام عن بكرٍ الكوفيِّ‏.‏

قال مُهنَّا‏:‏ ذكرت لأحمد حديث ثعلبة بن أبي صُعير في صدقة الفطر نصفُ صاعٍ من برٍّ، فقال‏:‏ ليس بصحيحٍ، إنَّما هو مرسلٌ، يرويه معمر وابن جريج عن الزُّهريِّ مرسلاً‏.‏

قلت‏:‏ مِنْ قِبَل مَنْ هذا‏؟‏ قال‏:‏ مِن قِبَل النُّعمان بن راشد، ليس هو بقويٍّ في الحديث‏.‏

وضعَّف حديث ابن أبي صُعير، وسألته عن ابن أبي صُعَير‏:‏ أمعروفٌ هو‏؟‏ قال‏:‏ من يعرف ابن أبي صُعَير‏؟‏ ليس هو بمعروفٍ‏.‏

وذكر أحمد وعليُّ بن المدينيِّ ابن أبي صُعَير فضعَّفاه جميعًا‏.‏

وقال ابن عبد البرِّ‏:‏ ليس دون الزُّهريِّ مَنْ تقوم به حجَّةُ‏.‏

وقال الجوزجانيُّ‏:‏ والنِّصف صاعٍ ذكره عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروابته ليس تثبت‏.‏

وكذلك تكلَّم فيه ابن المنذر‏.‏

والنُّعمان بن راشد‏:‏ قال معاوية عن يحيى بن معين‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال عبَّاس عن يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه‏:‏ مضطرب الحديث‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ في حديثه وهمٌ كثيرٌ، وهو صدوقٌ في الأصل‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ والنُّعمان بن راشد قد احتمله النَّاس، روى عنه الثِّقات، مثل‏:‏ حمَّاد بن زيدٍ وجرير بن حازمٍ ووهيب بن خالدٍ وغيرهم من الثِّقات، وله نسخةٌ عن الزُّهريِّ، لا بأس به‏.‏

وقال شيخنا أبو الحجَّاج في ‏"‏ التَّهذيب ‏"‏‏:‏ ‏(‏خ د س‏)‏ عبد الله بن ثعلبة ابن صُعَير- ويقال‏:‏ ابن أبي صُعَير- العذريُّ، أبو محمَّد المدنيُّ، الشاعر، حليف بني زهرة، ويقال‏:‏ ثعلبة بن عبد الله بن صُعَير، وأمُّه من بني زهرة، مسح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجهه ورأسه زمن الفتح، ودعا له‏.‏

روى ‏(‏خ د س‏)‏ عن‏:‏ النَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و ‏(‏د‏)‏ عن أبيه ثعلبة بن صُعير وجابر ابن عبد الله و ‏(‏خ‏)‏ سعد بن أبي وقَّاص وعليُّ بن أبي طالب وعمر بن الخطَّاب و ‏(‏س‏)‏ أبي هريرة‏.‏

روى عنه‏:‏ سعد بن إبراهيم وعبد الله بن مسلم- أخو الزُّهريِّ- وعبد الحميد بن جعفر- ولم يدركه- و ‏(‏خ دس‏)‏ محمَّد بن مسلم بن شهاب الزُّهريُّ‏.‏

قال سعد بن إبراهيم‏:‏ ثنا عبد الله بن ثعلبة بن الأصعر بن أختٍ لنا‏.‏

وقال محمَّد بن سعدٍ‏:‏ كان أبوه ثعلبة بن صُعَير شاعرًا، وكان حليفًا لبني زهرة‏.‏

وقال الحاكم أبو أحمد‏:‏ أبو محمَّد عبد الله بن ثعلبة صُعَير العذريَّ، ابن عمِّ خالد بن عرفطة بن صُعَير، حليف بني زهرة‏.‏

قيل‏:‏ إنَّه ولد قبل الهجرة، وقيل‏:‏ بعد الهجرة، وتوفِّي سنة سبعٍ- وقيل‏:‏ سنة تسعٍ- وثمانين، وهو ابن ثلاث وثمانين، وقيل‏:‏ ابن ثلاث وتسعين، وقيل غير ذلك في تاريخ وفاته، ومبلغ سنِّه O‏.‏

مسألة ‏(‏332‏)‏ ‏:‏ تجب صدقة الفطر بغروب الشَّمس من ليلة الفطر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر‏.‏

وعن مالك والشَّافعيِّ كالمذهبين‏.‏

لنا‏:‏ حديث ابن عمر المتقدِّم أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر‏.‏

وفي ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏ من حديثه أيضًا أنَّ رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بزكاة الفطر‏.‏

فعلَّق الوجوب بالفطر، وإنَّما يكون ذلك بغروب الشَّمس‏.‏

مسألة ‏(‏333‏)‏‏:‏ يجوز تقديم الفطرة بيوم أو يومين‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز تقديمها على رمضان‏.‏

وقال الشَّافعيُّ‏:‏ يجوز تعجيلها من أوَّل رمضان‏.‏

لنا‏:‏ 1589- ما ووى الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا عتَّاب ثنا عبد الله أنا أسامة بن زيدٍ عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بزكاة الفطر أن تؤدَّى قبل خروج النَّاس إلى الصَّلاة‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَّحيحين‏"‏‏.‏

1590- وقال ابن ماجة‏:‏ ثنا أحمد بن الأزهر ثنا مروان بن محمَّد ثنا أبو يزيد الخولانيُّ عن سيَّار بن عبد الرَّحمن عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ قال‏:‏ فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زكاة الفطرة طهرةً للصَّائم، فمن أدَّاها قبل الصَّلاة فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصَّلاة فهي صدقةٌ من الصَّدقات‏.‏

ز‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ ‏[‏مخرَّج‏]‏ في ‏"‏ الصَّحيحين ‏"‏ من غير حديث أسامة بن زيدٍ‏.‏

والحديث الثَّاني‏:‏ رواه أبو داود عن محمود بن خالد وعبد الله بن عبد الرَّحمن السَّمرقنديِّ عن مروان بن محمَّد عن أبي يزيد الخولانيِّ- وكان شيخَ صدقٍ، وكان ابن وهبٍ يروي عنه- عن سيَّار بن عبد الرَّحمن‏.‏

ورواه ابن ماجة أيضًا عن عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان عن مروان‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في رواته‏:‏ ليس فيهم مجروحٌ‏.‏

وقال صاحب ‏"‏ المغني ‏"‏‏:‏ هذا إسنادٌ حسنٌ‏.‏

وزعم الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ أنَّه صحيحٌ على شرط البخاريِّ ولم يخرجاه، قال أبو الفتح القُشيريُّ‏:‏ وفيما قال نظرٌ، فإنَّ أبا يزيد وسيَّارًا لم يخرج لهما الشَّيخان، وكأنَّ الحاكم أشار إلى عكرمة، فإنَّ البخاريَّ احتجَّ به‏.‏

وهذا الَّذي قاله صحيحٌ، فإنَّ سيَّارًا وأبا يزيد لم يخرِّج لهما إلا أبو داود وابن ماجة‏.‏

وأبو يزيد الخولانيُّ‏:‏ هو الصَّغير، وقد أثنى عليه مروان بن محمَّد كما تقدَّم‏.‏

وسيَّار بن عبد الرَّحمن‏:‏ قال أبو زرعة‏.‏

لا بأس به‏.‏

و قال أبو حاتم‏:‏ شيخٌ‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثِّقات‏"‏‏.‏

وهذان الحديثان لا حجَّة فيهما لما ذكره المؤلِّف من التَّقديم بيومٍ أو يومن‏.‏

وقد احتجَّ أصحابنا على ذلك‏:‏ 1591- بما روى البخاريُّ بإسناده عن ابن عمر قال‏:‏ فرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقة الفطر من رمضان‏.‏

وقال في آخره‏:‏ وكلانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين‏.‏

قالوا‏:‏ وهذا إشارةٌ إلى جميعهم، فيكون إجماعًا‏.‏

واحتجُّوا على أنَّه لا يجوز قبل ذلك‏:‏ 1592- بما روى الجوزجانيُّ‏:‏ حدَّثنا يزيد بن هارون أنا أبو مَعْشر عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر به فيقسم- قال يزيد‏:‏ أظنُّ قال‏:‏ يوم الفطر- ويقول‏:‏ ‏"‏أغنوهم عن الطَّواف في هذا اليوم‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ والأمر للوجوب، ومتى قدَّمها بالزَّمان الكثير لم يحصل إغناؤهم بها يوم العيد‏.‏

لكن راوي هذا الحديث أبو معشر، ولا يحتجُّ بحديثه، والله أعلم O‏.‏